سورة النحل - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)}
{ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً} الآية: مثل لله تعالى وللأصنام، فالأصنام كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء، والله تعالى له الملك، وبيده الرزق ويتصرف فيه كيف يشاء، فكيف يسوي بينه وبين الأصنام، وإنما قال: لا يقدر على شيء، لأن بعض يقدرون على بعض الأمور كالمكاتب والمأذون له {وَمَن رزقناه} من هنا نكرة موصوفة، والمراد بها من هو حر قادر كأنه قال: حرّاً رزقناه ليطابق عبداً، ويحتمل أن تكون موصولة {هَلْ يَسْتَوُونَ} أي هل يستوي العبيد والأحرار الذي ضرب لهم المثل {الحمد لِلَّهِ} شكراً لله على بيان هذا المثال ووضوح الحق {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} يعني الكفار.


{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}
{وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ} الآية: مثل لله تعالى وللأصنام كالذي قبله، والمقصود منهما إبطال مذاهب المشركين، وإثبات الوحدانية لله تعالى، وقيل: إن الرجل الأبكم أبو جهل، والذي يأمر بالعدل عمار بن ياسر، والأظهر عدم التعيين {وَهُوَ كَلٌّ على مولاه} الكلّ: الثقيل يعني أنه عيال على وليه أو سيده، وهو مثل للأصنام والذي يأمر بالعدل هو الله تعالى.


{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)}
{وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} بيان لقدرة الله على إقامتها، وأن ذلك يسير عليه كقوله: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحدة} [لقمان: 28] وقيل: المراد سرعة إتيانها {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أمهاتكم} الأمهات جمع أم زيدت فيه الهاء فرقاً بين من يعقل ومن لا يعقل، وقرئ بضم الهمزة وبكسرها إتباعاً للكسرة قبلها {فِي جَوِّ السمآء} أي في الهواء البعيد من الأرض {والله جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً} السكن مصدر يوصف به، وقيل: هو فعل بمعنى مفعول ومعناه ما يسكن فيه كالبيوت أو يسكن إليه {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الأنعام بُيُوتاً} يعني الأدم من القباب وغيرها {تَسْتَخِفُّونَهَا} أي تجدونها خفيفة {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} يعني في السفر والحضر، واليوم هنا بمعنى الوقت ويقال: ظعن الرجل إذا رحل، وقرئ ظعنكم بفتح العين، وإسكانها تخفيفاً {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ} الأصواف للغنم، والأوبار للإبل، والأشعار للمعز والبقر {أثاثا} الأثاث متاع البيت من البسط وغيرها، وانتصابه على أنه مفعول بفعل مضمر تقديره جعل {وَمَتَاعاً إلى حِينٍ} أي إلى وقت غير معين، ويحتمل أن يريد أن تبلى وتغنى أو إلى أن تموت.

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15